تخطي أوامر الشريط
التخطي إلى المحتوى الأساسي

 في ذكرى يومنا الوطني الرابع والثمانين

 
د. فوزان بن عبدالرحمن الفوزان

​الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى أله وصحبة أجمعين : ــ

تحتفل المملكة بيومها الوطني الرابع والثمانين الذي يصادف هذا العام يوم الثلاثاء 28 /11 /1433، الموافق 23/سبتمبر/2014 م ، وهو ذكرى إعلان الملك عبدالعزيز ــ رحمة الله ــ توحيد هذه البلاد وإطلاق اسم المملكة العربية السعودية عليها يوم 19/من جمادى الأولى عام 1351هـ ، بعد جهد استمر اثنان وثلاثون عاماً.

إن توحيد أرجاء هذه البلاد الواسعة التي كانت تنازعها الحروب والفتن وانعدام الأمن ، في مملكة واحدة قويه ، وإرساء الأمن فيها ، حتى غدى المرء يسافر من أقصاها إلى أقصاها لا يخاف إلا الله تعالى ، حدث لم يكن من الأحداث العادية ، ليس فقط على مستوى المنطقة، بل على مستوى العالم كافة.  فهو أول تجربة وحدوية حقيقية ناجحة في العالم العربي ، حيث نقل المؤسس رحمه الله هذه البلاد من الفرقة والتخاصم بين الإمارات الصغيرة، والقبائل العديدة المتناحرة، إلى بلاد موحدة قوية برجالها، وبإيمانها، وباعتمادها بعد الله على سواعد أبنائها . انتشالها ــ رحمه الله ــ من الفرقة إلى اللحمة ، ومن الفقر إلى الغنى ، ومن الفوضى الأمنية إلى الاستقرار والأمن ، ومن الأمية إلى التعلم والتنمية المستدامة .

إن الاحتفاء بذكرى التوحيد ويومنا الوطني ذكرى تجعلنا نستشعر ما أفاء الله سبحانه وتعالى على هذه البلاد من فضل كبير بأن قيض لها ولاة أمر استقاموا على صراط الله المستقيم ، وحكموها بما أمر الله به من عدل وتقوى ، على هدى من كتاب الله وسنة رسوله ، في كل شؤونها ، حتى غدت اليوم مثال يحتذي في أمنها ، وأمانها ، واستقرارها واعتدالها ، وتنميتها الاقتصادية ، وسياستها الخارجية المتزنة .

إذا كان لنا أن نفتخر نحن أبناء هذه البلاد في يومنا الوطني بكل ما تحقق لبلادنا من تقدم وأزهار توالت منجزاته منذ عهد المؤسس ــ رحمة الله ــ وأبناؤه البررة من بعدة ، سعود وفيصل وخالد وفهد ، وبلغ ذروته في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ، فإن أغلى ما نفتخر به في هذه البلاد أنها قامت على هدي من كتاب الله وسنة رسوله دستوراً ونظاماً وقضاءاً ومنهجاً ، واستمرت على هذا المنهج القويم ، منارة للاعتدال والوسطية دون إفراط أو وتفريط ، في مختلف شؤونها الدينية والاجتماعية .

وحين نستعيد ذكرى التوحيد في هذا العهد الزاهر، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لننظر بفخر إلى واقع يفيض بالمبادرات التنموية والإصلاحية الشجاعة، التي شملت التعليم ، والقضاء ، والاقتصاد ، والحوار الوطني ، والحوار مع الحضارات الأخرى ، ومشاريع التنمية الواسعة التي شملت جميع مناطق المملكة ، ومحاربة الفساد الإداري والمالي ، والعناية بالمجتمع ومحاربة البطالة ، وإقرار حد أدنى للأجور، وإعانة مجزية للباحثين عن العمل حتى يحصلوا على الوظيفة المناسبة.

إن أهمية الاحتفاء بيومنا الوطني أنها مناسبة لاستذكار عظمة هذا الإنجاز ، انجاز التوحيد تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وإنجاز التنمية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي  والتعليمي والإنساني الذي تحقق لهذه البلاد .  وهو أنجاز يذكر بمسئولية جميع شرائح المجتمع ، ويحفزها للمحافظة على مكتسبات هذا الوطن  بأن يستشعر كل فرد من أفراد هذا المجتمع مسؤولياته في الحفاظ على هذا الوطن شامخا أمانناً مستقراً . ولن يأتي ذلك إلا عندما يستشعر كل فرد من أبنائه بأنه شريك في هذا الوطن ، فكما أن له حقوقاً فعليه واجبات ، منها أن ينظر إلى الوطن الكبير نظرته إلى منزله ووطنه الصغير ، وينظر إلى شعب المملكة بعامة نظرته إلى أسرته الصغيرة ، وينظر إلى الممتلكات العامة نفس نظرته إلى ممتلكاته الخاصة . فكما أن أي فرد منا لا يرضى أن يمس أحد منزله أو ممتلكاته الخاصة بسوء فيجب أن يكون هذا الشعور نفسه لكل مكتسبات الوطن ، وكما أن الإنسان لا يرضى أن يمس أحد من أفراد أسرته بأي أذى ، فيجب أن يكون هذا الشعور نفسه لكل فرد من أفراد أسرته الكبيرة ، شعب المملكة العربية السعودية ، الذي يشاركه الحب والولاء لهذه البلاد الطاهرة ، والغيرة عليها ، والدفاع عنها ضد كل من يضمر لها الشر ، كائناً من كان .

إن الاحتفاء بذكرى يومنا الوطني ذكرى تذكر شبابنا وتربطهم بماضيهم ، وما بذله أجدادهم من جهد متواصل منذ عهد المؤسس ــ رحمه الله ــ لبناء هذا الوطن ، وهي ذكرى تحملنا مسئولية الحفاظ على ما بناه أجدادنا ، فنحن مهما اختلفنا في أقاليمنا وقبائلنا ولهجاتنا وأفكارنا فإن هناك رابط قوي يجمع شتاتنا ، هو هذا البناء القوي الذي بناه المؤسس رحمه الله على دعائم قوية من هدي كتاب الله وسنة رسوله ، فانصهرت  أقاليمه وقبائله وفئاته الاجتماعية في مجتمع متكاتف متحاب يسعى بقوة لنقل هذا البلاد بما يتوفر لديها من إمكانات اقتصادية وتعليمية وإدارية إلى مصاف الدول المتقدمة .
 
وفي الختام أتقدم إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ، وسمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز ، وسمو ولي ولي العهد الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وسمو أمير منطقة الرياض  الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز ــ حفظهم الله  جميعاًــ، وإلى الأسرة المالكة الكريمة، والشعب السعودي الأبي، بخالص التهاني والتبريكات بمناسبة يومنا الوطني المجيد ، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وولي عهده، وإخوانه وأعوانه من كل  سوء ومكروه، وأن يمد في أعمارهم على طاعة الله ، وأن يديم على هذه البلاد أمنها وأمانها واستقرارها ورغد عيشها إنه سميع مجيب .
     

        وكيل الجامعة
لخدمة المجتمع وتقنية المعلومات
د. فوزان بن عبدالرحمن الفوزان

--
22/08/1439 03:08 م
آخر تعديل تم على الخبر:
 

المحتوى المرتبط

بحث / ربط المحتوى

    عنوان المحتوى التاريخ